لو أن أحدهم قدّم لنا شيئاً طبيعياً يضمن لنا الحصول
الفوري على طاقة متجددة ونشاط متزايد وهمة وحيوية، ويخفف
التوتر ويخلصنا من مشاكلنا العاطفية.. فقد
نظن أن تكلفة ذلك الشيء
تفوق الإمكانات العادية.
ولو قيل لنا أن هذا الشيء الذي هو بمثابة الدواء لمعظم الأدواء هو في
الحقيقة مجاني لكل من يطلبه، تماماً كالهواء الطلق، فلربما ساورتنا
الشكوك حول
حقيقة ذلك الشيء.
مع ذلك فإن الدراسات العلمية المتزايدة تبرهن أن الهواء الذي نتنفسه
يمكن
بالفعل أن يحقق هذه الوعود شرط أن نتعلم الطريقة الصحيحة
للتنفس الصحي .
إن البحوث العصرية التي يجريها علماء النفس وعلماء وظائف الأعضاء
تؤكد ما
قال به يوغيو الهند منذ آلاف السنين: التنفس الصحيح هو أحد
المفاتيح الأساسية
للصحة الجسدية والنفسية.
معظمنا نعتبر التنفس مسألة اعتيادية. نعلم أن بواسطته يتم تزويد
خلايا
الجسم بالأوكسجين الذي تمس له الحاجة في عملية الأيض
أو الإستقلاب الضرورية لكل
خلايانا وباقي أعضائنا، بما في ذلك الدماغ.
وعن طريق التنفس يتم أيضاً تنقية أجسادنا من أحد المخلفات السامة
لتلك
العملية: ثاني أكسيد الكربون. كل هذا يبدو بسيطاً بحيث لا نوليه
اهتماماً خاصاً. لكن
اليوغا تقول والعلم الحديث يؤكد أن هناك طريقة
صحيحة وطريقة خاطئة للتنفس. إن من
يجلس جلسة غير معتدلة،
ومن يسير بصدر هابط لا يمكنه أن يتنفس كما يجب. لأن هذه
الأوضاع
تسبب ضغطاً للحجاب الحاجز والرئتين وتحول دون تمدد الرئتين
بشكل كامل
والحصول على الكمية الكافية من الأكسجين الضروري
لتنقية الدم المنساب إلى الأعضاء
الحيوية.
عندما تتنفس شهيقاً، إن شعرت بتمدد في الجزء الأسفل من الرئتين
فستستنشق
الكمية الصحيحة من الأكسجين. كما سيتم تحويل كل
الدم غير النقي إلى دم أحمر منقى
كمددٍ جديد من الحيوية المنسابة
إلى أعضاء الجسم.
لقد أثبتت بحوث العلماء أن التنفس غير الصحيح لفترة طويلة يمثل
عائقاً أمام
الصحة الجيدة نفسياً وبدنياً. ويقرر جراح القلب الدكتور
آلان هايمس من مدرسة
مينيسوتا للعلوم الطبية في مينيابولس أنه
عندما نتنفس من الصدر دون السماح للبطن
بالتمدد يتم سحب الهواء
بشكل أساسي إلى المنطقتين الوسطى والعليا من الرئتين. لكن
الجاذبية
تتسبب في تجمع كمية أكبر من الدم في الجزء الأسفل من الرئتين
بحيث يتعذر
التخلص من ثاني أكسيد الكربون بكيفية فعالة.
وطبقاً لأخصائية التغذية الدكتورة برندا أونز فإن عدم الفعالية هذه
تتسبب
في عودة الدم إلى الأنسجة التي لا تزال مشحونة ببعض مخلفات
ثاني أكسيد الكربون،
مما يتسبب في إعاقة عملية الأيض في الخلية.
إن أصبح التنفس القصير غير الكافي عادة على مر السنين فسيؤدي
ذلك إلى تراكم
السموم في الجسم مما يسبب فقداناً للنشاط والحيوية
ويجعل الشخص أكثر عرضة لأمراض
الجهاز التنفسي وللقلق والبلادة
والاكتئاب إضافة إلى مجموعة أخرى من المضايقات
النفسية والبدنية
ذات الصلة.
لذلك فإن التنفس الصحي يعتمد على تكوين عادة التنفس الفعّال وهذه
بدورها
تعتمد على الإنتباه الدقيق أثناء التنفس. من المفيد مراقبة عملية
التنفس عدة مرات
في اليوم للتأكد من أن التنفس عميق بما فيه الكفاية
. بالإمكان وضع يدك على البطن
أثناء عمليتي الشهيق والزفير. إن كان
الحجاب الحجاز يعمل بالشكل الصحيح فستلاحظ
حركة بسيطة لليد
تهبط وتعلو مع كل تنفس. التنفس الصدري لن يسبب حركة لليد.
التنفس من الخياشيم بدل الفم هو أيضاً نافع. والممارسة المنتظمة
لتمارين
اليوغا الخاصة بالتنفس هي مفيدة جداً للتعود على طريقة
التنفس الصحيحة.
التنفس اليوغي العميق يدعى أيضاً التنفس التام أو الكامل. فهو يجمع
ما بين
التنفس الصدري والتنفس الحجابي لملء الفصوص الثلاثة
للرئتين (الأسفل والأوسط
والأعلى) من خلال سحب الهواء بصورة
متواصلة وسلسة. هذا التمرين التنفسي يساعد على
تمدد الرئتين بشكل
كامل وبالتالي تقويتهما وتنقيتهما من الملوثات. التنفس الطبيعي
سيصبح
أيضاً أكثر عمقاً وفعالية وسيعود بفوائد جمة من الناحيتين النفسية
والجسدية.
يقول خبراء الصحة أن تزويد كافة خلايا الجسم بكمية وافرة
من الأكسجين – كما في
التنفس اليوغي العميق – هو إحدى أبسط
الطرق وأكثرها فعالية للتخلص من الإحساس
بالإجهاد والتعب. وكما أن
المادة الموصلة للكهرباء تتكهرب أو تـُشحن بالطاقة لدى
تمرير تيار كهربائي
من خلالها، هكذا تـُشحن بطارية الجسم شحناً كاملاً بطاقة
الحياة
المستخلصة من الأوكسجين لدى استنشاق الهواء النقي بكمية وافرة.
عندما يكون
الجسم مرهقاً فإن تنفستَ بعمق – شهيقاً وزفيراً – لعدة
مرات في الهواء الطلق أو
أمام نافذة مفتوحة ستشعر بالحيوية والإنتعاش.
التنفس الصحيح إذاً هو سبيل إلى العافية، وهناك أيضاً فوائد جسدية
ونفسية
أخرى للتنفس الصحيح لا بد أن تحظى باهتمام كل من يهمه
امتلاك صحة جيدة وحيوية
متجددة.
تقول الدكتورة أونز أن التنفس الحجابي العميق (نسبة للحجاب الحاجز)
يعمل
أكثر بكثير من مجرد تحسين عمل الأكسجين داخل الجسم. فهو
يساعد على تقوية عضلات
البطن كما تحصل أيضاً أعضاء منطقة
البطن على تدليك قوي ومنعش. فالكبد والمعدة
والكليتان والحويصلة
الصفراوية (المرارة) والطحال والبنكرياس كلها تستفيد من
التنفس
الصحيح. والأمعاء أيضاً تحصل على منبّه يستحث وينشط
الحركة المعوية
وهي الحركة
التموجية للقولون التي تعمل على التخلص
من البراز.
ونتيجة لذلك تتقوى أيضاً عضلات
القولون مما يقلل
من احتمالية الإمساك.
والتنفس الحجابي يقوم أيضاً بتفعيل الأنزيمات الهاضمة بحيث تعمل
بكيفية
أفضل ويحسّن الدورة الدموية. عندما ينبسط الحجاب الحاجز –
كما في الشهيق – يتمدد
الصدر نتيجة لذلك ويسحب الدم المشحون
بالملوثات من الجسم ويعيده إلى القلب
والرئتين قصد التنقية.
وعندما يعود الحجاب الحاجز إلى الوضع المريح – كما في الزفير –
يساعد على
دفع الدم الشرياني من القلب إلى كافة أعضاء الجسم.
وهكذا فإن التنفس العميق يساعد
على تحرر القلب من الإجهاد أكثر
بكثير من التنفس الصدري الضحل.
النتائج الجسدية هي فقط جزء من الفوائد العميمة لهذا النوع من
التنفس. فعلماء
النفس والأطباء يصفون التنفس اليوغي العميق كعلاج
صحي وصحيح للجسم والعقل معاً،
كونه يعزز التوافق والإنسجام
على المستويين النفسي والجسدي.
وفي الحقيقة فإن بعض الباحثين يعتبرون أن التنفس هو الحلقة المفقودة
في
العلاقة المركـّبة والمتداخلة التي تربط العقل بالجسم، مما يضع في
أيدينا مفتاحاً
يساعدنا على التحكم بالوظائف الجسدية والعقلية التي
تعتبر خارج نطاق السيطرة. مثال
على ذلك عملية الأيض (تحويل الغذاء
إلى مادة حية في الجسم أو استخدامه لتزويد
الطاقة – قاموس أكسفورد
المحيط)، وكذلك أمواج الدماغ وآليات الإجهاد، إضافة إلى
الحالات
العاطفية كالقلق والعصبية والغضب.
لقد أثبتت عدة دراسات حديثة العلاقة َ بين معدل التنفس وحالاتنا النفسية
أو
العاطفية. هناك دراستان أجريتا في جامعة كاليفورنيا أثبتتا أنه
أثناء التنفس
الحجابي البطيء يقوم الدماغ باستحداث عدد أو كمية
أكبر من أمواج ألفا المقترنة
عادة بالهدوء والإسترخاء، أكثر مما يفعل
أثناء التنفس الصدري.
وفي هذا الصدد يقول المعلم برمهنسا يوغانندا:
"وهناك أمثلة عديدة يمكن إعطاؤها عن الصلة الوثيقة بين سرعة تنفس
الإنسان والتغيرات في حالات وعيه. فالشخص الذي يستغرق في تتبع
حوار عقلي معقد أو
يحاول القيام بمجهود جسدي دقيق وشاق يتنفس
تلقائيا ببطء شديد. وتركيز الانتباه
يتوقف على التنفس البطيء، في
حين يصاحب التنفس السريع أو غير المنتظم حالات عاطفية
مؤذية
كالخوف والشهوة الجنسية الجامحة والغضب. القرد يتنفس بمعدل 32
مرة في
الدقيقة الواحدة مقابل 18 مرة فقط للإنسان. أما الفيل
والسلحفاة والحية وغيرها من
الحيوانات المعروفة بطول العمر فإن
سرعة تنفسها تقل كثيرا عن الإنسان. فالسلحفاة
العملاقة مثلا التي
تعيش لثلاثمائة عام تتنفس بمعدل 4 مرات فقط في الدقيقة."
ولأن التنفس الصدري أقل فعالية من التنفس الحجابي من حيث تنقية
الدم من
ثاني أكسيد الكربون، فإن الذي يستعمل التنفس الصدري
يضطر أن يتنفس شهيقاً وزفيراً
بوتيرة أكثر من الذي يستعمل التنفس
الحجابي. ولا عجب أن العلماء قد وجدوا أن
التنفس الصدري يفعّل
آليات الضغط والإجهاد في الجسد والعقل مما يجعل الإسترخاء
صعباً على الذين يتنفسون بهذه الطريقة.
يقول مستشار التحكم بالإجهاد العالم النفساني الدكتور فيليب نورنبرغبر
أن "الطريقة
التي نتنفس بها لها أبلغ الأثر على مشاعرنا. فإن العديد
من مشاكلنا الصحية
والنفسية والعاطفية سببها التنفس المغلوط. إنما
لحسن الحظ يمكن معالجة الكثير من
هذه المشاكل بتعلم الطريقة
الصحيحة للتنفس."
كما وجد الدكتور هايمز أن التنفس الحجابي العميق هو طريقة فعالة
للتعامل مع
الضغوط النفسية والإجهاد الجسدي. ويضيف قائلاً:
"حاول هذا التنفس في المرة
القادمة عندما تكون غاضباً أو منزعجاً
وستندهش من التغير الذي يحدث لنظرتك
ولتعاملك مع الظروف، كما
أنك ستلمس مدى الهدوء الذي سيرافق عملية تفكيرك."
فالفكر الهادئ والجسم المعافى الذي يفور نشاطاً وحيوية، والإنسجام
على كل
المستويات ممكن بواسطة التنفس الصحيح .
بالممارسة المنتظمة للتنفس العميق يمكننا بلوغ حالة من الراحة والإنتعاش
هي
في الأصل حالة طبيعية للجسم والعقل.
ملاحظة للمترجم:
منذ سنوات عديدة وأنا أمارس هذا النوع من التنفس ويمكنني التأكيد
– من خلال
التجربة الذاتية - على صحة المعلومات الواردة هنا.
هذا أقوله كشهادة صادقة ليس
أكثر.)
والآن إلى هذا التمرين التنفسي:
للحصول على أفضل النتائج حاول تطبيقه سبع مرات على دفعة أو
دفعتين يومياً.
تنفس شهيقاً ببطء عن طريق الأنف وفي نفس الوقت قم بالتمديد
التدريجي وبحسب
التسلسل لكل من الأجزاء التالية:
البطن
الجزء الأسفل من الصدر
الجزء الأعلى من الصدر.
تنفس زفيراً ببطء عن طريق الفم محاولا في نفس الوقت التنفس
التدريجي – بتسلسل
عكسي - لكل من الأجزاء التالية:
الجزء الأعلى من الصدر
الجزء الأسفل من الصدر
البطن.
الرئتان تتمددان (تنتفخان) وتهبطان (يتم تنفيسهما) تدريجياً عندما
يتم
ملؤهما بالهواء المضغوط ثم تتركان ليحصل التنفيس تلقائياً.
المراحل الثلاث للشهيق والزفير غير منفصلة عن بعضها البعض بل
تمتزج طبيعياً
وتتابعياً أحدها في الأخرى. لا يوجد توقف عند نهاية
الشهيق أو نهاية الزفير.
نقاط هامة:
يجب أن يكون البطن في حالة استرخاء (راحة) أثناء التنفس العميق.
التمدد
البطني في المرحلة الأولى من التنفس العميق يتم بدفع الحجاب
الحاجز إلى أسفل وليس
باستعمال عضلات البطن. كما ينبغي عدم
الممارسة أثناء لباس الثياب أو مستلزمات
الثياب الضيقة (كحزام
الخصر أو عقدة الرقبة) التي قد تحول دون التمدد الصحيح للبطن
ولأعلى الصدر وصولاً إلى الرقبة.
التنفس اليوغي العميق يأتي بأفضل النتائج لدى ممارسته أثناء الجلوس
باعتدال
بحيث يكون العمود الفقري منتصباً، والكتفان مدفوعين قليلاً
إلى الخلف والصدر
مدفوعاً للأمام بعض الشيء إنما ليس كثيراً.
التنفس التام ليس تنفساً بالقوة (حيث لا هزات ولا رجات ولا جذبات فجائية)
من
أي نوع. ولا هو تحدياً ذاتياً لمعرفة كمية الهواء التي يمكن احتجازها
في الرئتين. يجب
عدم رفع الكتفين عند الإنتهاء من الشهيق وعدم
تقليص عضلات البطن لدى الإنتهاء من
الزفير. ويجب عدم وجود أي
إحساس بالمضايقة أو الإجهاد.
التنفس اليوغي العميق هو عملية دقيقة تحتاج إلى التعامل بدقة من
قبل الرجال
والنساء. لقد اكتشف الباحثون أن معظم الرجال يتنفسون
عادة باستعمال الجزء الأسفل
من الصدر في حين تستعمل معظم
النساء الجزء الأعلى من الصدر. ولذلك ينبغي على الرجال أن يتعودوا
على التحضير
لعملية التنفس (شهيقاً عن طريق أسفل الصدر)
بتفعيل الشهيق الحجابي. وعلى النساء أن
يتعودن على التحضير
لعملية التنفس (شهيقاً عن طريق أعلى الصدر) بتفعيل الشهيق
الحجابي والشهيق عن طريق أسفل الصدر.
والسلام عليكم.
المصدر: مجلة معرفة الذات
الترجمة: محمود مسعود
ردحذفجزاكم الله خيرا"
شركه تنظيف
ياخي اريد شراء هذة المدونة هذا هو رابط صفحتي على الفيس بوك www.facebook.com/Hazw9919
ردحذفمدونه مفيده جدا
ردحذفشي جميل ومفيد
ردحذفأزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذفشكرا اخى على المجهود الرائع
ردحذفدى مدونتى http://sehhadaily.blogspot.com
good work
ردحذفgood workgood work
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذفشكرا على المعلومات وفوائد الصحية
ردحذفموقع العاب wordpress theme